فيلم المملكة

يطرح العلاقات السعودية الأمريكية في مكافحة الإرهابفيلم “المملكة”.. الأكشن في نفق السياسة
محمد ممدوح
 
Image
بوستر فيلم “المملكة”

من الواضح أن هوليود قد قررت استغلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من ظروف سياسية كالحرب على الإرهاب ومن تورطها داخل العراق في صنع عدد من الأفلام المسلية التي تحقق المراكز الأولى في صندوق الإيرادات، التي تمكن المشاهدين الأمريكيين من متابعة جهود الجنود الأمريكيين في محاربة الإرهاب ودفع الخطر الإسلامي المحدق؛ ولكن من مسافة آمنة، ومن منطق التفوق والسيطرة الأمريكية.وفيلم “المملكة” للمخرج “بيتر بيرج” هو واحد من هذه الأفلام والتي عرض في نفس وقت عرض أفلام تتعرض لنفس المسألة من عدد من وجهات النظر المختلفة مثل فيلم “في وادي الله” للمخرج “بول هاجيز” أو فيلم “استسلام” للمخرج “كيفين هود”.

وعلى خلاف عدد قليل جدا من الأفلام التي استبطنت هذه الأحداث لتقدم تأملا عميقا في علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط وتورطها فيه مثل فيلم “سيريانا” لستيفن جاجهان، أتى فيلم المملكة خاليا من التأمل العميق والقراءة الفكرية المتأنية للظرف السياسي القائم.

قليل من السياسة

فعلى الرغم من أن فيلم “المملكة” هو تقريبا أول فيلم أمريكي يضطلع بمناقشة العلاقة الأمريكية السعودية بشكل مباشر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فإن الفيلم لم يحاول أن يحلل أو يكشف عن هذه العلاقة من وجهة النظر الأمريكية، بل تفرغ لصنع فيلم حركة عادي مليء بالمطاردات والمعارك الدموية تستطيع أن تنقل أحداثه دون أي خلل في بنائه لأي بقعة ساخنة أخرى في العالم، باستثناء المقدمة الوثائقية التي عرض من خلالها المخرج عبر عدد من اللقطات الأرشيفية تاريخ علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالسعودية وأهم اللحظات التاريخية الفارقة في العلاقة بين الحليفين، مثل: قرار قطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة وأوروبا إبان حرب أكتوبر 1973، ملخصا أبعاد العلاقة بين الحلفين بين موفر للبترول من ناحية، وموفر للسلاح من الناحية الأخرى.

هكذا استشعر المخرج بأن هذا يكفي للمشاهد، هذا يكفي من السياسة ولينطلق إلى بناء فيلمه من الحركة والمعارك بمنطق “قليل جدا من السياسة.. وكثير جدا من الحركة”، فلم يهتم بوضع يده على أمر غاية في الأهمية يهيمن على العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية؛ وهو الشعور المتناقض عند الحديث عن السعودية، وهو تناقض بين اعتبار السعودية واحدة من الحلفاء القلائل المتبقيين لأمريكا في الشرق الأوسط، وبين اعتبارها مصدرا للفكر الوهابي الذي تراه واشنطن مغذيا للإرهاب الإسلامي، فاكتفى الفيلم بالإشارة إلى أن غالبية المهاجمين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانوا سعوديين.

الفرسان الأمريكيون

 
 يطرح الفيلم لأول مرة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية

تدور أحداث الفيلم حول العميل رونالد فوري (جيمى فوكس) والذي يقرر قيادة فريق خاص مكون من نخبة عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية للذهاب إلى السعودية لإيجاد الجناة وراء الهجوم الإرهابي على مجمع الإسكان الذي يقطنه العاملون في إحدى شركات النفط الأمريكية والقيام بأسرهم.فبعد هذا العمل الإرهابي الذي يبدأ الفيلم به ويركز من خلاله على عدد النساء والأطفال الذين قضوا نحبهم في هذا العمل، غير أن القيادات ووزارة الخارجية الأمريكية ترفض سفر هذا الفريق منعا لتعقيد الأمور في السعودية وعدم ازدياد الموقف اشتعالا؛ ولكن بطريقة سرية يستطيع العميل رونالد أن يضغط على سفير السعودية والذي لا يمنحهم سوى خمسة أيام للتحقيق، فيذهب الفريق المكون من رونالد وخبير المتفجرات جراند سكايز (كريس كوبر)، ومحلل الاستخبارات آدم ليفيت (جاسون باتيمان) والطبيبة الشرعية جانيت مايز (جنيفر غارنر).

يصل الفريق إلى الرياض ويقابل هناك الضابط السعودي فارس الغازي (أشرف برهوم) والذي يقرر أن يساعدهم ولكن بشروطه الخاصة، حيث قرر ألا يتدخل الفريق الأمريكي في التحقيقات بأي شكل من الأشكال، ولكن ما يلبث أن ينتزع رونالد موافقة الأمير السعودي المسئول عن التحقيقات على مشاركتهم ومساعدتهم الكاملة في إيجاد الجناة، وتنشأ علاقة صداقة تتطور بين رونالد وبين فارس الغازي، وتدور الأحداث المليئة بالمطاردات والمعارك، حتى يستطيع الفريق القبض على “أبو حمزة” المسئول عن التفجيرات في معركة قضى فيها فارس نحبه.

لماذا السعودية؟

الإيهام بأن أحداث الفيلم تدور في السعودية -على الرغم من أن أحداث الفيلم بأكملها قد تم تصويرها بين “أبو ظبي” في الإمارات وصحراء أريزونا الأمريكية- إنما هو أمر وجيه في تلقي هذا الفيلم؛ حيث يوفر هذا الإيهام للمشاهدين الأمريكيين بصفة خاصة والغربيين بصفة عامة تأشيرة دخول مجانية وآمنة، بواسطتها يستطيعون أن يقوموا بزيارة أجزاء عديدة من السعودية، ويبنوا خريطة عقلية حتى ولو غير صحيحة لهذه البلاد وثقافتها، كما يؤكد هذا الإيهام على الصورة الذهنية الموجودة سلفا كأرض غريبة وموطن للإرهاب والتطرف والكراهية الشديدة للأمريكيين، ورفضهم على كافة المستويات سواء الشعبية أو بعض من الرسمية على الرغم من التحالف الحكومي المعلن.

 
 يعتمد الفيلم في بنائه على فكرة القلة المحاصرة التي تدفعها الأحداث إلى أن تكون في أرض غريبة ومضطرة لخوض معارك غير متكافئة

ولكن يبقى في الفيلم أنه يحاول الوقوف عند بعض الفروق بين الثقافة الغربية والإسلامية في عدد من المشاهد الرقيقة وغير المباشرة، كما في مشاهد رفض السعوديين لأن تلمس الطبيبة الأجنبية جثمان أحد المتوفين المسلمين أو تأمله للحياة الشخصية والعائلية لغازي، والمشاهد الشاعرية الرقيقة لغازي وهو يصلي مع عائلته، في إشارة واضحة إلى أن الحرب ليس لها أن تكون بين الغرب والمسلمين، بل بينهم وبين من يرونهم يخوضون حربا غير شرعية عليهم باسم الإسلام.وفي تصريح ضمني يؤكد الفيلم أنه لا بد من هجر اعتماد الصور النمطية عن الآخر من قبل الجانبين، وأنه من الممكن التعايش بين الجانبين بعيدا عن الفروق أو على الأقل قبول هذه الفروق باعتبارها مكمن خصوصية ثقافة كل جانب وتفرد حضارته، وهو ما يؤكده الفيلم في تصويره لعلاقة الصداقة التي تنشأ بين رونالد الأمريكي وغازي السعودي وتعاونهما في القبض على مرتكبي الحادث الإرهابي، هذا السعي الذي يقتل فيه غازي بما يمثله من قيم معتدلة داخل غابات التشدد والتطرف.

فيلم المملكة يعتمد في بنائه على فكرة القلة المحاصرة التي تدفعها الأحداث إلى أن تكون في أرض غريبة ومضطرة لخوض معارك غير متكافئة مع العدو الذي يفوقها عددا ولا يلتزم بتقنيات الحرب الحديثة، وهي نفس التقنية الموجودة في فيلم “سقوط الصقر الأسود” لريدلي سكوت، وهى تقنية طالما استخدمت في سينما الأكشن الأمريكية؛ وبشكل خاص في أفلام الغرب الأمريكي، فمن يشاهد الفيلم سوف يسيطر عليه شعور بأن هذه المجموعة من المحققين الفيدراليين الأمريكيين ما هم إلا مجموعة من فرسان الغرب الأمريكي يواجهون حربًا غير متكافئة مع عدو يشبه الهنود الحمر يفوقهم عددا ويفوقهم تخلفا.

الفيلم لا يعدو أن يكون أكثر من مجرد فيلم حركة يحاول استغلال الظروف السياسية ليصنع سياقًا مثيرًا وجذابًا للمشاهدين في أرجاء العالم، ولا أجد مبررا للاحتفاء الشديد الذي قوبل به الفيلم في الكتابات العربية، والتي تشير لنمط تفكير مسيطر على بعض العقليات العربية التي تنتظر من الآخر أن يقدم عملا به توازن، أو يعطى العرب والمسلمين حقهم، ويحاول أن يكسر الصورة النمطية المعتمدة عنهم في مختلف الأعمال الفنية الغربية.

ولعل ذلك هو نفس المنطق الذي هلل البعض من أجله لـ “مملكة الجنة” من قبل لريدلي سكوت و”ميونخ” لستيفن سبيلبرغ هذه الأعمال التي لا تهتم بالآخر ولا تعيد التعرف عليه؛ بقدر ما تعيد التعرف على آليات الغرب في معرفة هذا الآخر والتعاطي معه، إن هذا المنطق هو منطق العاجزين ويشبهم المثل المصري العامي “القرعة تتباهى بشعر أختها”.

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية.

شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح
 

   
  اغلاق    اضف تعليقك  
  الاسم*  (سوف يظهر للآخرين)    
عنوان التعليق*  
التعليق* (2000 حرف متبقى)

مسح

 
ادخل الحروف كما هو موضح تغيير الحروف  
 حاله الحرف غير مهمه
 
*حقل مطلوب       
   

الخطاب الأوبامي وفيلم المملكة و دليل
جورج يوسف – 2009-11-30 19:57 (GMT)
في فيلم المملكة للممثل جيمي فوكس ساعة ال آر بي جي – بالباك بالباك .الخطاب الأوبامي و دليل سحر الباك الإسلامي
وحياة روبى و الباك المصري الفاسد : أقباط يرفضون تأييد البابا لتولى جمال مبارك رئاسة مصر .في فيلم المملكة للممثل جيمي فوكس ساعة ال آر بي جي – بالباك بالباك . بطرس غالي : جمال مبارك نكرة و تعبانة خليجي . الدكتور جورج يوسف : جمال مبارك ديناصور الحزن و عبد الحفيظ الخطاب السياسي المصري. مش في الرئاسة يا جمال . الدكتور جورج يوسف : و لا يوم في الرئاسة يا جمال . و لا ساعة .الدكتور جورج يوسف : جمال مبارك ديناصور الحزن و القلق زي حنجور صغير مشنوق كاره للحياة و مرفوض في عالمنا زي ضئيل. المزيد على مدونة ووردبرس . من الدكتور جورج يوسف ضد الباك الإسلامي – سحرالباك الإسلامي
أوباما قال جورج يوسف أخذ‏ مننا كندا
نانسي عجرم : الفيس بوك بيزعل الرسول

الأوسمة: , ,

5 تعليقات to “فيلم المملكة”

  1. خلاصة الفيلم « البابا شنودة : الطابور الخامس هم المسيحيين المتنجسين و منهم عموم غالبية أثرياء الأقباط – عبيد المسلمين المساحير بالباك ال Says:

    […] فيلم المملكة […]

  2. في فيلم المملكة (3) « نجيب ساويرس : مش فيه حاجة ربنا إخترعها إسمها التمويل و الدعم .السحراية باك إتفضحت بالجورج يوسف Says:

    […] فيلم المملكة […]

  3. مصفاة لتكرير البترول بأسيوط‏..‏ « في فيلم المملكة للممثل جيمي فوكس ساعة ال آر بي جي -بالباك بالباك Says:

    […] فيلم المملكة — 2 comments […]

  4. مصفاة لتكرير البترول بأسيوط‏..‏ « في فيلم المملكة للممثل جيمي فوكس ساعة ال آر بي جي -بالباك بالباك Says:

    […] فيلم المملكة — 2 comments […]

  5. الأزمة الاقتصادية الجديدة لدائني مجموعة دبي العالمية‏ « في فيلم المملكة للممثل جيمي فوكس ساعة ال آر بي جي -بالباك بالباك Says:

    […] فيلم المملكة — 2 comments […]

أضف تعليق